شهد أول نقاش لمشروع الدستور التونسي الجديد، الاثنين، في المجلس الوطني التأسيسي، تراشقا كلاميا، وتوقفا طويلا، وانسحابات لبعض نواب المعارضة بسبب توتر بين الإسلاميين ومعارضيهم.
وتم تعليق النقاش
بشأن الدستور بعد أقل من نصف ساعة من انعقاد الجلسة، حين قاطع نواب معارضون
مقرر الدستور المنتمي للتيار الإسلامي حبيب خضر.
ومنعت المعارضة خضر من إلقاء الكلمة، متهمة إياه بإدراج فصول
مثيرة للجدل بشكل تعسفي في مشروع الدستور. وانسحب عشرات من نواب المعارضة
من المجلس احتجاجا على الصياغة النهائية للدستور الجديد.
وأجبر انسحاب نواب المعارضة، وهم يرددون النشيد الوطني، رئيس
البرلمان مصطفى بن جعفر، على تعليق الجلسة بعد افتتاحها بقليل. إلا أنها
استؤنفت لاحقا وسط أجواء مشحونة وتبادل اتهامات.
واتهمت النائبة المعارضة نادية شعبان الحزب الإسلامي المعتدل
الحاكم بتعديل المسودة الأخيرة من الدستور التي وضعتها لجان برلمانية، ما
أدى إلى انسحاب المعارضة.
وتتهم المعارضة حزب النهضة الذي يسيطر على الحكومة بمحاولة
وضع دستور يزيد من الصبغة الإسلامية للمجتمع، وتم تعديل المسودة بالفعل
ثلاث مرات في مناقشات بشأن المرجعية الإسلامية، ودور المرأة، وضمان الحريات
الشخصية.
ويفترض أن يسمح تبني الدستور بقيام مؤسسات دائمة في تونس بعد
سنتين ونصف من إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وكان من المقرر أن
تشكل هذه الجلسة بداية عملية لتبني مسودة الدستور الجديد قبل تحديد جدول
زمني لمناقشة فصوله فصلا فصلا.
وتستثنى "الإجراءات
الانتقالية" للقوانين المصدق عليها في ظل حكومة النهضة منذ انتخاب المجلس
الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011، من المراقبة الدستورية لمدة ثلاث سنوات.
ومن جهة أخرى، تمدد هذه الإجراءات إلى ما لا نهاية صلاحيات
المجلس التشريعية، ولا تحدد جدولا زمنيا للانتخابات التي ينتهي معها دور
المجلس التأسيسي.
من جهتها انتقدت نائبة رئيس المجلس التأسيسي محرزية العبدي
بشدة، سلوك بعض المعارضين، ووصفتهم في تصريح بأنهم "أقزام"، منددة بـ"عدم
نضج في صفوف المعارضة". وتعرضت لصيحات استهجان لاحقا في المجلس.
وقال النائب اليساري منجي الرحوي: "نطلب من نائبة رئيس المجلس
الوطني التأسيسي التي نعتتنا بالأقزام أن تقدم اعتذارها. كما نطلب منها أن
تعتذر من الأقزام لأنهم هم أيضا مواطنون".
وقطع رئيس المجلس مصطفى بن جعفر كلمة النائب عمر الشتوي بعد
أن وصفه الخير بـ"الطاغية". وقال بأسف" "قليلة هي المرات التي شعرت فيها
بالحزن كما في هذا الصباح، إن ما حدث يمس من مصداقية المجلس الوطني
التأسيسي وشرعيته".
ويتعين أن يحصل مشروع الدستور على موافقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، وإذا تعذر ذلك فإنه يتعين عرضه على الاستفتاء الشعبي.
ولا يملك الإسلاميون وحلفاؤهم العلمانيون في حزبي المؤتمر
والتكتل إلا أغلبية بسيطة في المجلس التأسيسي، ويتعين عليهم التوصل إلى
توافق أوسع لتبني مشروع الدستور.
وعلاوة على مسألة "الإجراءات الانتقالية"، يرى قسم من المجتمع
المدني والمعارضة أن مسودة الدستور لا تضمن بشكل كاف الحريات واستقلال
القضاء، ولا تشير بوضوح كاف إلى المساواة بين الرجل والمرأة.
في المقابل يبدو أن هناك إجماعا على توزيع السلطات التنفيذية
بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بعد أن قبل حزب النهضة أن تكون لرئيس
الجمهورية صلاحيات هامة في مجالي الدفاع والخارجية.
شارك الموضوع مع أصدقائك ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق