مقترحات قبل الشهر الكريم
الكاتب : حسين بن سعيد الحسنية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..،،
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..،،
فإليك -أخي الكريم- هذه الجملة من المقترحات المختصرة والتي تساعد على تهيئة النفس والبيت والمسجد في استقبال شهر رمضان المبارك والذي نسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إنه على كل شيء قدير:
أولاً- النفس:
Ø اخلاص العمل لله عز وجل.
Ø استشعار نعمة الله علينا بهذه المواسم.
Ø العلم بأنه ميدان منافسة على العتق من النار.
Ø تهيئة المصحف والانقطاع عن الشواغل.
Ø اختيار كتاب من كتب التفسير ككتاب السعدي رحمه الله للرجوع إليه عند الحاجة.
Ø أن يخصص الإنسان لنفسه تلاوتين الأولى / تلاوة تدبر بقراءة جزء واحد في كل يوم بتدبره ويقف عند عجائبه وآياته . الثانية / تلاوة أجر وهي التي يكثر فيها الختمات ابتغاء الأجر.
Ø إعداد جدول للقراءة يوفق فيه الإنسان بين قدراته وأعماله.
Ø تعويد النفس على الدعاء ورفع اليدين.
Ø تعويد النفس على الجلوس في المسجد أدبار الصلوات وخاصة صلاتي الفجر والعصر.
Ø تعويد النفس على الصدقة والبذل والعطاء.
Ø الحرص على تحفيز النفس ومضاعفة دورها في العمل الصالح مثل قراءة حياة السلف وحالهم في رمضان 12- الاستماع إلى الأشرطة وقراءة المطويات الخاصة بذلك.
Ø تعويد النفس على القيام وذلك بالزيادة في الوتر والتهجد.
ثانياً- البيت:
Ø شراء مصاحف وحاملات مصاحف لجميع أعضاء الأسرة.
Ø تخصيص مصلى في المنزل.
Ø شراء الأشرطة و المطويات وعمل مسابقات عائلية خاصة برمضان.
Ø عقد جلسة مع أفراد الأسرة والتحدث عن رمضان وفضله وأحكامه.
Ø تجهيز المنزل بما يتطلبه من مأكولات مشروبات بشرط عدم الإسراف.
Ø اتخاذ قرار مجمع عليه تجاه وسائل الإعلام وما تبثه في رمضان.
Ø تنسيق وتوزيع الأدوار بين أهل البيت في الخدمة حتى تجد المرأة حظها في برامج العبادة.
Ø تنسيق برامج الزيارات والاستضافات الرمضانية مع الأهل والجيران والأصدقاء.
Ø إعداد برنامج للعمرة والاعتكاف لجميع أعضاء الأسرة.
Ø المشاركة في إعداد الطبق اليومي ولو كان شيئاً يسيراً يهدى لوجبة تفطير الصائمين في المسجد.
Ø مسابقة في حفظ أحاديث كتاب الصيام مثل كتاب بلوغ المرام أو رياض الصالحين.
ثالثاً- المسجد:
Ø أن يتهيأ الإمام في المواظبة بالقيام بجميع الفروض في مسجده طيلة أيام الشهر.
Ø إعداد إنارة المسجد وتنظيم أثاثه ، والعناية بالإذاعة والصوتيات.
Ø الاهتمام بدورات المياة والقيام على تجهيزها وتنظيفها.
Ø العمل على حث جماعة المسجد في جمع تبرعات للمسجد وما يحتاجه من الماء والمناديل الورقية والطيب.
Ø استضافة بعض العلماء وطلبة العلم في المسجد لإلقاء الكلمات والمواعظ قبل رمضان وأثناءه.
Ø اختيار الإمام للكتاب المناسب وقراءته على جماعة المسجد بعد إحدى الصلوات.
Ø إعداد المسابقات اليومية والأسبوعية لجماعة المسجد.
Ø تخصيص لجنة تقوم بإعداد وجبة إفطار الصائم والإشراف عليها.
Ø توزيع الأشرطة على أهل الحي.
Ø إعداد برامج للجاليات من مطويات وأشرطة.
Ø تخصيص ليلتين أو ثلاث من الشهر يجتمع فيها جماعة المسجد لإفطار جماعي يأتي كل واحد منهم باليسير من زاده ويجتمعون عليه في المسجد تحت إشراف الإمام وتنسيقه.
Ø إعداد برنامج ترفيهي لشباب الحي.
Ø الحرص على أن يختم الإمام ولو ختمة واحدة في صلاة التراويح.
Ø إقامة دورية للحي.
Ø الحرص على أن تقدم برامج تكون بدائل ومزاحمات إعلامية.
Ø إعداد برنامج لجمع الزكاة وتوزيعها على فقراء الحي.
Ø إعداد برنامج لعيد رمضان مثل اجتماع الجيران بعد صلاة العيد في المسجد.
وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني
الكاتب : نبيل العوضي
كم من شخص يعيش بيننا قد أخطأ علينا يوما من الأيام، والكثير منهم ربما ظلمنا زمنًا من الأزمان، البعض تكلم علينا ظلما وبهتانا، وآخرون ربما منعونا بعض حقوقنا، وأناس وقفوا مع من ظلمنا أو شهدوا علينا زورا وبهتانا، ومنهم الذي سب وشتم ومنهم الذي أشاع الأكاذيب ولفق الأحاديث ونشرها في الآفاق، فبين مغتاب وغام وقاذف وشاتم في الخلق، سمعنا بعضهم وخفي علينا أكثرهم، هؤلاء وغيرهم كيف نتصرف معهم؟!
الكثير من هؤلاء يعلم أنه كاذب في كلامه وشتمه وقذفه، ومع هذا لا يتورع عن إطلاق التهم والشتائم، يختفي خلف شاشة الكمبيوتر وباسم مستعار يحلو له سب الخلق وشتمهم وتحقيرهم، المهم عنده ألا يعرفه أحد من الناس ونسي المسكين رب الناس جل وعلا?، وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد?
وبما أننا في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، ليالي المغفرة والتوبة، لحظات العفو والرحمة، فإن الذي يطلب من الله العفو والصفح من خطاياه فيبدأ بنفسه أولا وليعف عن خلق الله ليعفو الله عنه، فإن العفو عن الناس سبب لعفو الله عنا، قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [سورة النور: 22]، صحيح أن الإنسان مخير بين أخذ حقه ممن ظلمه وبين العفو عنه، لكن العفو مرتبة عاليا يحبها الله جل وعلا: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [سورة البقرة: 237]، والعفو عن الذي ظلمنا ليس نوعا من الذل أو الضعف، بل هي قربة إلى الله جل وعلا، عزة ورفعة كما جاء في الحديث «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا» [رواه مسلم].
كم من خطأ يحصل بين الأسر والأرحام والأصحاب والعاملين وغيرهم، لكن أهل التقوى من صفاتهم أنهم كما قال الله تعالى فيهم {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة آل عمران: 134].
لقد ظلم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أشد الظلم، وأخرج من بلده، وطورد وحورب سنوات طوال، وشج وجهه وقتل أحب الناس اليه، لكنه لما قدر على من ظلمه وفتح مكة عفا عن الظالمين واطلقهم وقال كلمته المشهودة (اذهبوا فانتم الطلقاء).
وجاء في الحديث أن رجلين يأتيان عند الله يوم القيامة فيقول أحدهما وهو المظلوم: "يا رب خذ لي بحقي منه"، فيرفع الله له قصورا ومدائن من ذهب وفضة، فيعجب الرجل ويقول: "يا رب لأي نبي هذا؟!، لأي شهيد هذا؟!"، فيقول الله تعالى له: "هذا لمن أعطى الثمن"، فيقول العبد: "ومن يملك ثمن هذا؟!"، فيقول الله له: "أنت تملك الثمن"، فيقول العبد: "وما ثمنه يا رب"، فيقول جل جلاله: "أن تعفو عن أخيك"، فيعفو مسرعا عن أخيه فيقول الله تعالى له: "خذ بيد أخيك وادخل معه إلى هذه الجنة" [ضعفه الألباني بلفظ آخر للحديث].
العفو خلق عظيم، وسلامة الصدر من الشحناء والبغضاء صفة جليلة، ومن أحب أن يعتقه الله من النار في هذه الأيام فليتصدق بالعفو عن ظلمه، فإن هذه الصدقة من أفضل الصدقات، فأهل الإيمان يدعو ربهم ألا يجعل قلوبهم غلا للذين آمنوا، وإذا خلدوا لنومهم صفوا قلوبهم من الأحقاد والضغائن.
أعلم أن الكثير من الكلام كتب عني في الإنترنت أو الجرائد وأعلم أن الكثير تكلم عليَّ بالمجالس بما أكره ولا أرضى، وأعلم أن الكثير ربما اتهمني بما ليس في، ومع هذا فإنني أشهد الله جلا جلاله أنني عفوت عن كل من ظلمني بقول أو بفعل في زمن سابق أو لاحق ولا أطلب من أحد شيئا، وأسأل الله أن يغفر لي ولكل إخواني المؤمنين ويجمعني بهم في جنات النعيم، اللهم آمين.
الإخلاص سر الصيام
ما أروع الصيام وأحلى معانيه، تتجلى فيه عبادة من أعظم عبادات القلب، ألا وهي إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [سورة البينة: 5].
الصيام خصه الله تعالى لنفسه «إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به» [رواه البخاري ومسلم]، إذ هو عبادة لا يطلع على حقيقتها وصحتها إلا الله سبحانه وتعالى. من ذا الذي يطلع على الصائم إذا خلا بنفسه أأكمل صومه أم لا إلا الله عز وجل.
والإخلاص هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك.
وقيل: هو أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شرك لغير الله، فيكون الله محبوب قلبه، ومعبود قلبه، ومقصود قلبه فقط
وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء أن يكون ظاهره خيراً من باطنه.
وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
ومن هُنا تأتي أهمية الصوم ومعناه الكبير؛ إذ كُل عبادةٍ سواه قد يدخلها الرياء حتى الصلاة خير الأعمال قد يدخلها الرياء.
فما أحوجنا إلى الصيام نتعلم فيه الإخلاص. قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا رياء في الصوم".
الإخلاص مطلب مُلِح، وعمل قلبي واجب، لا منزلة لأعمال العبد بدونه، كيف لا؛ ومدار قبول الأعمال وردها عليه.
بالإخلاص والمتابعة تقبل الأعمال، وبضده يحبط العمل.
قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ﴿٢﴾ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمرَ: 2 ـ 3]. وقال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ﴿١٤﴾ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ} [سورة الزمر: 14-15].
وقد جمع الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في سلم الوصول شرطي قبول العمل، فقال:
شرط قبول السعي أن يجتمعا*** فيه إصابة وإخلاص معـاً
لله رب العـرش لا سـواه***موافق الشرع الذي ارتضاه
وكـل ما خـالف للوحيـين *** فإنـه رد بغـير مـين
قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [سورة الملك: 2]. قال الفضيل بن عياض - رحمه الله- أخلصه وأصوبه. قالو: ما أخلصته وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة؛ ثم قرأ قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [سورة الكهف: 110].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [سورة النساء: 125]. وإسلام الوجه هو: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه متابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وسننه.
الإخلاص فيه زكاء للنفس، وانشراح للصدر، وطهارة للقلب، وتعلق بمالك الملك، المطلع على السرائر والضمائر.
الإخلاص مسك القلب، وماء حياته، ومدار الفلاح كله عليه.
إذا اطلع الخبير البصير على الضمير فلم يجد في الضمير غير الخبير، جعل فيه سراجاً منيراً.
سئل الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- عن الصدق والإخلاص؟ فقال: "بهذا ارتفع القوم".
نعم بضاعة الآخرة لا يرتفع فيها إلا مخلص صادق...
إنما تحفظ هذه الأمة وتنصر بإخلاص رجالها...
أيها الأحبة:
إن العمل وإن كان يسيراً إذا صاحبه إخلاص فإنه يثمر ويزداد ويستمر، وإذا كان كثيراً ولم يصاحبه إخلاص فإنه لا يثمر ولا يستمر، وقد قيل: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله زال وانفصل..
قال ابن القيم - رحمه الله – في (الفوائد): "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه".
الإخلاص ثمرته عظيمة ، وفوائده جليلة ، والأعمال المقترنة به مباركة:
الإخلاص هو الأساس في قبول الأعمال والأقوال.
الإخلاص هو الأساس في قبول الدعاء.
الإخلاص يرفع منزلة الإنسان في الدنيا والآخرة.
الإخلاص يبعد عن الإنسان الوساوس والأوهام.
الإخلاص يحرر العبد من عبودية غير الله..
الإخلاص يقوي العلاقات الاجتماعية وينصر الله به الأمة.
الإخلاص يفرج شدائد الإنسان في الدنيا والآخرة.
الإخلاص يحقق طمأنينة القلب وانشراح الصدر
الإخلاص يقوي إيمان الإنسان ويُكرِّه إليه الفسوق والعصيان..
الإخلاص تعظم به بركة الأعمال الصغيرة ، وبفواته تَحقُر الأعمال العظيمة .
لقد عرف السائرون إلى الله تعالى أهمية الإخلاص فجاهدوا أنفسهم في تحقيقه، وعالجوا نياتهم في سبيله.
يقول سفيان الثوري رحمه الله: "ما عالجتُ شيئاً عليّ أشد من نيتي ، إنها تتقلب عليّ".
وقال عمرو بن ثابت: "لما مات علي بن الحسين فغسلوه؛ جعلوا ينظرن إلى آثار سواد بظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة".
وعن محمد بن إسحاق: "كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل".
وهذا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل يقول عنه تلميذه أبوبكر المروزي: كنت مع أبي عبد الله نحواً من أربعة أشهر، بالعسكر، وكان لا يدع قيام الليل، وقراءات النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يُسر بذلك.
وقال محمد بن واسع: "لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بل ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته، ولقد أدركت رجالاً، يقوم أحدهم في الصف، فتسيل دموعه على خده، ولا يشعر به الذي جنبه".
وقال الشافعي رحمه الله: "وددت أن الخلق تعلموا هذا – يقصد علمه- على أن لا ينسب إلى حرف منه".
أخي الصائم:
ما أحوجنا للتدرب على الإخلاص في هذا الشهر الكريم، ومجاهدة النفس على طرد العجب والتخلص من أي تعلق للقلب بغير المولى جل وعلا.
من استحضر عظمة الخالق هان عليه نظر المخلوقين وثناؤهم، ومن تعلق قلبه بالدار الآخرة هانت عليه الدنيا وملذاتها.
مساكين من أبطلوا أعمالهم بالشرك الخفي .. مساكين من أذهبوا ثوابهم بالرياء وإرادة الثواب العاجل {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [سورة النساء: 134].
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ﴿١٥﴾ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة هود: 15–16].
«قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه» [رواه مسلم].
شجرةُ الإخلاص أصلُها ثابت وفرعها في السماء، ثمرتها رضوان الله ومحبته وقبول العمل ورفعة الدرجات.
وأما شجرة الرياء فاجتُثت لخبثها فأصبحت هباء منثورا، لا ينتفع بها صاحبها ولا يرتفع ، يناديه مناد يوم يجمع الله الأولين والآخرين: من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.
لريح المخلصين عطرية القبول، وللمرائي ريح السموم.
نفاقُ المنافقين صير موضع المسجد كناسة تلقى فيها الجيف والأقذار والقمامات {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}
وإخلاصُ المُخلصين رفع المساكين منازل فأبر الله قسمهم (رُبَّ أشعث أغبر).
كم بذل نفسَه مُراءٍ لتمدَحَهُ الخلائق فذهبت والمدح ، ولو بذلها للحق لبقيت والذِكر .
المُرائي يحشو جراب العمل رملاً فيُثقلُه ولا ينفعه.. ريح الرياء جيفة تتحامى مسها القلوب.
لما أخذ دُود القزّ ينسُجُ أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: لك نسجٌ ولي نسج، فقالت دُودةُ القز: "ولكن نسجي أرديَةُ بناتِ المُلوك ونسجُكِ شبكة الذباب، وعند مسّ النسيجين يبين الفرق".
الإخلاص أخي الصائم.. فيه الخلاص من ذل العبودية للخلق إلى عز العبودية للخالق.
الإخلاص أخي الصائم.. فيه الخلاص من نار تلظى.. ورقي في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الإخلاص أخي الصائم.. شجرة مورقة.. وثمرة يانعة.. بها تنال النفس أعلى المراتب.. وتتبوأ أسنى المطالب.
رزقنا الله وإياك صلاح العمل.. وإخلاص النية.. وكتبنا جميعاً من المقبولين والمعتقين من النيران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق